على المكتب في منتصف الليل، كان فنجان القهوة قد برد تمامًا، والكرسي يصدر صريرًا من كثرة جلوسي عليه. الأغاني في السماعات تُعاد مرارًا حتى فقدت الإحساس، وعيناي معلقتان على الشاشة—وفجأة انقلب ذلك الخط البياني إلى اللون الأخضر، كأن أحدهم ضغط على زر الإيقاف المؤقت، واللون يؤلم عيني بشدة.

رصيدي في الحساب، تلك الأرقام، صارت صفرًا بالكامل. 12000 عملة مستقرة، راحت هباءً منثورًا، ولا حتى بقايا. إشعار الإغلاق الإجباري الذي ظهر من النظام كان أفظع من أي شيء آخر.

وقتها فقدت أعصابي تمامًا، وبدأت أسب كل من أقابله لعدة أيام، وأقول إن السوق متلاعب به، وأن صغار المستثمرين مجرد ضحايا يُستغلون. حتى جاءت المرة الخامسة التي أصبح فيها رصيدي صفرًا، وحدقت في ذلك الرصيد 0.00، حينها أدركت حقيقة قاسية—الذي قتلني لم يكن تقلبات السوق، بل تلك المفاهيم الخاطئة المتجذرة في رأسي.

بصراحة، أغلب حالات تصفية الحسابات لصغار المستثمرين سببها سوء فهمهم للرافعة المالية. كنت أعتقد بسذاجة أن استخدام رافعة 10 أضعاف يعني أن أرباحي تتضاعف 10 مرات، وأن خسارتي لن تتجاوز 10% من رأس المال. حتى تم سحب الهامش تلقائيًا من النظام، حينها فهمت: جوهر الرافعة المالية هو أنها مكبر للمخاطر. المخاطرة الفعلية تساوي حجم مركزك مضروبًا في نسبة الرافعة المالية، وخط التصفية هو رأس مالك مقسوم على نسبة الرافعة.

تحذيرات المخاطر في تلك المنصات مخفية بعمق. الرافعة 10 أضعاف لا تعني أبدًا "تحمّل مخاطرة 10%"، بل تعني أنك تراهن بكل رأس مالك على اتجاه واحد. الأمر يشبه المشي حافي القدمين على صفيح ساخن، أي زلة بسيطة وستخسر كل شيء.

قمت بطباعة سجلات كل عملية تصفية تعرضت لها، وهي الآن معلقة أمام مكتبي